مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أمّا بعد:
فإنّ ظاهرة الغش في الامتحانات تعتبر من الظواهر المنتشرة في المؤسسات التعليمية المختلفة، وفي أطوار التعليم جميعها: (ابتدائي، متوسط، ثانوي، جامعي)، حتى أصبحت هذه الظاهرة سلوكا عاديا أو عاما لدى كثير من التلاميذ، ولمّا أصبح هذا الخطر متفشيا ومؤثرا في حياة التلميذ المستقبلية، وفي علاقاته وفاعليته بصفته من المسلمين ومن المواطنين كان من اهتمام علماء النفس (علماء السلوك) وعلماء الاجتماع وعلماء التربية بحث وتحليل الأسباب المؤدية إلى انتشارها قديما وحديثا.
لذا كان من الواجب على كل واحد منّا أن يُسهم في علاج مثل هذه الظاهرة المتفشية على قدر استطاعته، وقبل ذلك لابد من تشخيص الداء ببيان أسبابه.
أسباب تفشي ظاهرةالغش في الامتحانات
هناك بعض الدراسات التي أجريت لاستطلاع رأي المدرسين والتلاميذ و توصلت الدراسات إلى النتائج التالية:
أ- عوامل ذاتية:
مرتبطة بالطالب نفسه وبالموقف الذي يوجد فيه: مثل قلة المذاكرة، عدم الاكتراث بالدراسة، عدم القدرة على استيعاب المادة الدراسية،عدم الثقة بالنفس، التعود على الغش، الحصول على المكافأة بأيسر السبل، اهتمام الطالب بالدرجات(النقاط)، وتعرّض التلاميذ لضغوط بهدف الحصول على درجات تمكنهم من الالتحاق بالجامعة أو المحافظة على معدلاتهم الحالية، القلق من الامتحانات، تجنّب النتائج المترتبة على أدائه السيّئ كالفشل أو الرّسوب في الامتحان.
ب- عوامل اجتماعية:
مرتبطة بظاهرةالغش تشمل الأسرة والمحيط الاجتماعي للتلميذ، مثل معاناة بعض التلاميذ من علاقات أسرية مفككة، أساليب معاملة الوالدين المتشددة أو القاسية، أو معاملة الوالدين المتسامحة، التفرقة في المعاملة بين الأولاد، الحماية الزائدة، التسلط، علاقة التلميذ بزملائه و بالمدرسين، الحياة المدرسية التي يحياها التلميذ في المدرسة، أساليب التنشئة الاجتماعية التي تعرض لها التلميذ طوال مراحل حياته.
جـ- عوامل تربوية:
مرتبطة بظاهرةالغش تشمل المدرسين والمنهج، وطبيعة النظام التعليمي نفسه، وطبيعة الامتحانات وظروفها وأهدافها (1).
من خلال هذه العوامل يمكن أن نحدد أهم الأسباب التي أدّت إلى تفشي هذه الظاهرة في نظرنا:
1- ضعف الوازع الديني المتمثل في استشعار مراقبة الله للعبد لأن مثل هذا الفعل محرم، والبعد عنه من تقوى الله تعالى.
2- عدم توفر التربية الصالحة الكاملة، والتي يعتبر توفرها من بين أسباب اندثار مثل هذه العادات السيئة وعدم انتشارها.
3- حبّ الحصول على الدرجات (النقاط) المؤدية إلى الانتقال وعدم الرسوب أثناء كل سنة دراسية بأيّة وسيلة حتى إنّ هناك بعض الكلمات انتشرت بين التلاميذ منها قولهم: ((من نقّل انتقل ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه))، يعنون بذلك الغش.
4- عدم الثقة بالنفس والارتباك الزائد أيام الاختبارات مما يؤدي بالتلميذ إلى استخدام وسائل أخرى.
5- عدم المذاكرة الجيدة (المراجعة)، والتهاون بالدراسة، وعدم الاهتمام بها إلاَّ في أيام الامتحانات.
6- تساهل بعض الأساتذة أثناء الحراسة و تغليبهم للعاطفة على العقل والدين .
7- تساهل إدارة المدارس في معاقبة من ضبط في حالة غش أو محاولة لها.
هذه هي أهم الأسباب، وقبل التطرق لبيان العلاج لابد من أن نعرف حكم الشريعة الإسلامية في مثل هذا الفعل وكذا أضراره لأن معرفة ذلك جزء من العلاج.
(انتظروا الحكم الشرعي للظاهرة فيما بعد) _ ان شاء الله_